وفد جنوب إفريقيا في “لاهاي” جرح “الأبارتايد” بَلسَما ديبلوماسيّا! (بورتريه)
أوازيس أف أم- علي غوائدية- تونس: فريق من السّود يتوسّطه، أبيض يطلب الجواب عن أسئلة الصّحفيين كلّما تعلّق الأمر بالعلاقات الخارجيّة لبلده جنوب إفريقيا، يعقد ندوة صحفيّة أمام “محكمة العدل الدّوليّة” بعد جلسة مرافعات ضد إسرائيل إذ تُبيد الفلسطينيين.
على ميمنة الفريق شاب، بدا كطالب علم لم تُحبَّر صفحته المهنيّة بعد. يخدم مجرّد حضوره الجانب الاتّصاليّ لزملائه: “البراءة تنشد العدالة”، يمكن أن يكون عنوانا مُستشّفا من شفاهه السّاكتة. و على الشّمال وزير العدل الجنوب الإفريقي رونالد لامونا يطالع على الحضوره نصّا مخطوطا. وعلى يساره فريق عربي يتقدّمه مساعد وزير الخارجيّة الفلسطيني. تنتظر العرب، سيّدة الشّفاهيّة بين الشّعوب تاريخيّا، دورها في الكلام هذه المرّة.
و”لأن تاريخنا مُلطّخ بالجرائم ضد الإنسانية”، يعلّل الوزير الجنوب إفريقي تقدّم فريقا قانونيّا من بلاده للمرافعة عن الشّعب الفلسطيني المُظطهد من الجيش الصّهيوني. لكأنّ تعليله يؤكّد اختصاص بلده الّتي كانت قد عانت محنة “الأبارتايد” (الميز العنصري). فهل تُحلّ عقد لسان أحفاد مانديلا في محفل دوّلي ملغوم بالاصطفاف والالتفاف على القانون الدّولي؟ هل براءة وجه الشّاب، البادية، توريثا لتلك الابتسامة الخالدة المتسامحة للجدّ ؟
يضع الفريق الجنوب الإفريقي ألوان علم بلاده،المشابه في ألوانه للعلم الفلسطيني، فيما يُكوّف الفريق العربيّ أعناقه بالكوفيّه الفلسطينيّة. يستنكر الوزير لامونا ، ويعرب عن “إدانة” بلاده مبادرة حركة “حماس” بالهجوم على معاقل الإسرائيلين يوم “طوفان الأقصى” في السّابع من أكتوبر 2023. فريقان مختلفا التّكوين والقضيّة واحدة. بل قضيّة قوم رفعها فريق محليّ بدولة نيابة عن قوميّة أخرى ممتدّة من المحيط إلى الخليج (العرب). وليس حضور العرب اليوم أكثر من حضور طرف الخصام المظلوم انتظارا للانصاف، إذا ما استحضرنا السّياق وواقع الحال. توحّد الفريقان في المقاصد الإنسانيّة لأجل حكم واحد يقضي بتجريم إسرائيل وتحجير فعل القتل المُبيد للفلسطينيين عليها.
“هكذا أرادنا أن نفعل نلسون مانديلا”، الانتصار للانسانيّة، قالها الوزير . لكن ما تعاليم هذا الزّعيم الإفريقي في علاقة بإسرائيل؟برقت عينا الرّجل الابيض المتوسّط للفريق الجنوب إفريقي حينما أشارت أحد الصّحفيات إلى عقاب غربي محتمل لبلده بعد إقدامها على الصّنيع (مقاضاة دولة حليفة). وتحرّك رأسه المربّع بأكلمه، وأبان فاه الصّامت عن ابتسامة ساخرة أفضت إلى ردّ دبلوماسيّ بالقول:”مصلحتنا تطبيق القانون بعدالة وهذا في مصلحة القانون الدّولي”.
عاد الرّجل، الّذي تكتنز عيناه عِبَرا من تاريخ دموي مضى على وطنه الأم والذي حضر خصّيصا للدّفاع عن ديبلوماسيّة بلاده على الأرجح، إلى تركيزه ليلتقط سؤالا ثانيّا “هل ستحافظون على علاقتكم مع إسرائيل”؟ أجاب :” علاقتنا الآن ليست عادية فقد استدعينا سفيريْنا. إننا ننتظر مخرجات هذه القضيّة حتّى تتحقّق العدالة في فلسطين وبعد ذلك سوف نعمل مع الدّول الأخرى لإرساء سلام دائم”.